في رحاب قول الله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيءٍ حيٍّ)
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
إنَّ
الحياةَ على وجه الأرض؛ حياةَ الإنسانِ، وحياةَ الحيوانِ، وحياةَ
النباتِ، قوامها الماءُ، فالماءُ هو الوسيطُ الوحيدُ الذي يحمل الأملاحَ
والموادَّ الغذائية منحلةً فيه إلى الكائن الحيِّ، ولولا الماءُ لَمَا كان
على وجه الأرض حياةٌ.
ولكنْ
من منَّا يصدِّقُ أنَّه في كلِّ ثانيةٍ حصراً، في كلِّ ثانيةٍ تمضي يهطل
من السماء إلى الأرض على مستوى الكرة الأرضية ستة عشر مليون طنٍّ من
الماء، قال تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا﴾ [عبس: 25].
من
أجل قوام الحياة تسقط في كلِّ ثانيةٍ ستةَ عشرَ مليوناً من الأطنان منَ
الماءِ، تسقطُ من السماءِ إلى الأرض، ولكنَّ هذا السقوط يتبدَّى فيه اسمُ
(اللطيف)، فلو أنَّ هذا الماءَ هوى على الأرض بشكلٍ متصلٍ مجمَّعٍ
لأتْلَفَ كلَّ شيءٍ، ولحطَّم كلَّ شيءٍ، ولأنهى الحياةَ، ولكنَّه ينزلُ
على شكل قطراتٍ صغيرةٍ فيها لطفٌ، وفيها رحمةٌ، وفيها حكمةٌ.
رقماً
ثالثاً قرأنُه، هو أنَّ المناطق الرَّعويَّةَ في بلدنا سورية، بفضل نزولِ
الأمطار الغزيرة التي انهمرت عام (1988) أنبتتْ هذه المناطقُ من العشبِ
الرَّعويِّ الذي تأكله الماشيةُ، ما لو أردنا أنْ نستوردَه لكلَّفنا عشرةَ
آلافِ مليون ليرةٍ، أيْ عشرة ملياراتٍ ليرة، لكنْ بتلك الأمطارِ الغزيرةِ
التي تفضَّلَ اللهُ بها علينا استعينا عن دفع هذه المبالغِ الطائلةِ
ثمناً للأعلافِ.
حينما
يقولُ الله سبحانه وتعالى: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ﴾ [الذاريت: 22]، فمعنى الآية أنّ الطعامَ الذي نأكله ما كان
ليكونَ لولا تلك المطارُ التي تنزلُ من السماء، وأنّ هناك محصولاً من
الفواكهِ والثمارِ في ذاك العام ما لا يمكنُ تصوُّره، فسبحان الله إذا
أعطى أدهش!! وأنّ اللهَ سبحانه وتعالى هو المسعِّرُ، فتتضاعفُ الكمياتُ
بأمطارٍ غزيرةٍ، فيصبحُ الإنتاجُ وفيراً، وتهبطُ الأسعار، قال تعالى:
﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾، وقال عز وجل: ﴿وَإِن مِّن
شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ
مَّعْلُومٍ﴾ [الحجر: 21].
إنَّ
اللهَ سبحانه وتعالى هو الرزاق، ذو القوةِ المتينُ، فمن ستة عشر مليون
طنٍّ من الماء في الثانية الواحدة، إلى أمطارٍ أغنيتْ عن دفع عشرة آلاف
مليون ليرة ثمناً للأعلاف، فهذه الأرقامُ لها دلالاتٌ عند المؤمنين، هذا
عطاءُ الله، قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ
عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء: 20]،
وقال سبحانه: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ24/80أَنَّا
صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا 25/80ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ
شَقًّا26/80فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا27/80وَعِنَبًا
وَقَضْبًا28/80وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا29/80وَحَدَائِقَ
غُلْبًا30/80وَفَاكِهَةً وَأَبًّا31/80مَّتَاعًا لَّكُمْ
وَلِأَنْعَامِكُمْ32﴾ [عبس: 24- 32].
فائدة:
قال
ابن كثير في تفسيره: « ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، أيْ وهم يُشاهدونَ المخلوقاتِ تحدثُ شيئاً فشيئاً
عياناً، وذلك كلُّه دليلٌ على وجودِ الصانعِ، الفاعلِ المختارِ، القادرِ
على ما يشاءُ:
ففِي كلِّ شيءٍ له آيةٌ * تَدُلُّ على أَنَّهُ وَاحِدُ»
وفي
تفسير الجلاليْنِ: «وجعلنا من الماءِ النازلِ من السماءِ والنابعِ من
الأرض كلَّ شيءٍ حيٍّ، من نباتٍ وغيرِه، أي فالماءُ سببٌ لحياتِه، أفلا
يؤمنون».
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- آيات الله في الآفاق: د. محمد راتب النابلسي.
- تفسير الجلالين: الإمام جلال الدين السيوطي.
- تفسير ابن كثير: الإمام ابن كثير.
الحياةَ على وجه الأرض؛ حياةَ الإنسانِ، وحياةَ الحيوانِ، وحياةَ
النباتِ، قوامها الماءُ، فالماءُ هو الوسيطُ الوحيدُ الذي يحمل الأملاحَ
والموادَّ الغذائية منحلةً فيه إلى الكائن الحيِّ، ولولا الماءُ لَمَا كان
على وجه الأرض حياةٌ.
ولكنْ
من منَّا يصدِّقُ أنَّه في كلِّ ثانيةٍ حصراً، في كلِّ ثانيةٍ تمضي يهطل
من السماء إلى الأرض على مستوى الكرة الأرضية ستة عشر مليون طنٍّ من
الماء، قال تعالى: ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا﴾ [عبس: 25].
من
أجل قوام الحياة تسقط في كلِّ ثانيةٍ ستةَ عشرَ مليوناً من الأطنان منَ
الماءِ، تسقطُ من السماءِ إلى الأرض، ولكنَّ هذا السقوط يتبدَّى فيه اسمُ
(اللطيف)، فلو أنَّ هذا الماءَ هوى على الأرض بشكلٍ متصلٍ مجمَّعٍ
لأتْلَفَ كلَّ شيءٍ، ولحطَّم كلَّ شيءٍ، ولأنهى الحياةَ، ولكنَّه ينزلُ
على شكل قطراتٍ صغيرةٍ فيها لطفٌ، وفيها رحمةٌ، وفيها حكمةٌ.
رقماً
ثالثاً قرأنُه، هو أنَّ المناطق الرَّعويَّةَ في بلدنا سورية، بفضل نزولِ
الأمطار الغزيرة التي انهمرت عام (1988) أنبتتْ هذه المناطقُ من العشبِ
الرَّعويِّ الذي تأكله الماشيةُ، ما لو أردنا أنْ نستوردَه لكلَّفنا عشرةَ
آلافِ مليون ليرةٍ، أيْ عشرة ملياراتٍ ليرة، لكنْ بتلك الأمطارِ الغزيرةِ
التي تفضَّلَ اللهُ بها علينا استعينا عن دفع هذه المبالغِ الطائلةِ
ثمناً للأعلافِ.
حينما
يقولُ الله سبحانه وتعالى: ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ﴾ [الذاريت: 22]، فمعنى الآية أنّ الطعامَ الذي نأكله ما كان
ليكونَ لولا تلك المطارُ التي تنزلُ من السماء، وأنّ هناك محصولاً من
الفواكهِ والثمارِ في ذاك العام ما لا يمكنُ تصوُّره، فسبحان الله إذا
أعطى أدهش!! وأنّ اللهَ سبحانه وتعالى هو المسعِّرُ، فتتضاعفُ الكمياتُ
بأمطارٍ غزيرةٍ، فيصبحُ الإنتاجُ وفيراً، وتهبطُ الأسعار، قال تعالى:
﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾، وقال عز وجل: ﴿وَإِن مِّن
شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ
مَّعْلُومٍ﴾ [الحجر: 21].
إنَّ
اللهَ سبحانه وتعالى هو الرزاق، ذو القوةِ المتينُ، فمن ستة عشر مليون
طنٍّ من الماء في الثانية الواحدة، إلى أمطارٍ أغنيتْ عن دفع عشرة آلاف
مليون ليرة ثمناً للأعلاف، فهذه الأرقامُ لها دلالاتٌ عند المؤمنين، هذا
عطاءُ الله، قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ
عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء: 20]،
وقال سبحانه: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ24/80أَنَّا
صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا 25/80ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ
شَقًّا26/80فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا27/80وَعِنَبًا
وَقَضْبًا28/80وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا29/80وَحَدَائِقَ
غُلْبًا30/80وَفَاكِهَةً وَأَبًّا31/80مَّتَاعًا لَّكُمْ
وَلِأَنْعَامِكُمْ32﴾ [عبس: 24- 32].
فائدة:
قال
ابن كثير في تفسيره: « ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ
أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، أيْ وهم يُشاهدونَ المخلوقاتِ تحدثُ شيئاً فشيئاً
عياناً، وذلك كلُّه دليلٌ على وجودِ الصانعِ، الفاعلِ المختارِ، القادرِ
على ما يشاءُ:
ففِي كلِّ شيءٍ له آيةٌ * تَدُلُّ على أَنَّهُ وَاحِدُ»
وفي
تفسير الجلاليْنِ: «وجعلنا من الماءِ النازلِ من السماءِ والنابعِ من
الأرض كلَّ شيءٍ حيٍّ، من نباتٍ وغيرِه، أي فالماءُ سببٌ لحياتِه، أفلا
يؤمنون».
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- آيات الله في الآفاق: د. محمد راتب النابلسي.
- تفسير الجلالين: الإمام جلال الدين السيوطي.
- تفسير ابن كثير: الإمام ابن كثير.
- AsheK WalhaNمؤسس المنتدى
-
عدد المساهمات : 5608
نقاط : 18641
تقييم العضو : 44
تاريخ الميلاد : 21/03/1995
العمـر : 29
جزاك الله كل خير اخي الكريم
- ميرو
-
عدد المساهمات : 162
نقاط : 162
تقييم العضو : 0
تاريخ الميلاد : 28/09/1990
العمـر : 34
ما شاء الله سلمت اياديك على موضوك المميز و جعلها في ميزان حسناتك
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى