هل تحسين القراءة في الصلاة من الرياء ؟ وهل يترك الإمامة من يخاف من ذلك ؟
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
- AsheK WalhaNمؤسس المنتدى
-
عدد المساهمات : 5608
نقاط : 18641
تقييم العضو : 44
تاريخ الميلاد : 21/03/1995
العمـر : 29
السؤال:
فقد منَّ الله عليَّ بصوت حسن وتلاوة طيبة لكتابه العزيز ، وقد اقترح عليَّ
أهل المسجد أن أكون إماماً لهم في صلاة التراويح ، علماً بأني أحفظ أكثر
من نصف القرآن ، وأسأل الله أن يتم عليَّ نعمته بحفظ كتابه ، وقد ترددت في
البداية خوفاً من الرياء لكنِّي استخرت الله عز وجل ، ثم قبلت ، والآن أنا
أؤم القوم في المسجد ولكني أخاف من الرياء وأن يحبط عملي ، ودائما أسأل
الله الإخلاص ، وتراني أحاول إتقان التلاوة عندما أؤم الناس لكي يخشعوا أما
أنا فأتأثر بالآيات إذا قرأتها وحدي ، وعندما أكون إماماً أحاول أن أتأثر
بها وأن أتفكر في معانيها لكني قلَّ ما أفعل , وإن فعلت فأحاول أن لا أظهر
ذلك أمام الناس .
فماذا يجب أن تكون نيتي وأنا أؤم الناس ؟ وكيف أحقق الإخلاص وأتغلب على
وسواس الرياء ؟ .
وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
اعلم أخانا الفاضل أن للشيطان مداخل على الصالحين ليتركوا طاعاتهم وعباداتهم ، فليس
كل ما تشعر به أنه رياء هو كذلك ، وودَّ الشيطان لو ظفر بهذا من مثلك ليترك أحدكم
طاعته وعبادته فيحقق للشيطان مقصوده ، وإنما يبحث المسلم عن قلبه فيرى سلامته من
عدمه ، وينزه أفعاله أن تُصرف لغير الله ، فيحافظ على عبادته أن لا يقوم بها ،
ويحافظ عليها أن لا يضيع أجرها عند ربه .
ثانياً:
ومما ينبغي عليك معرفته أن تحسين الصوت وإتقان التلاوة في الصلاة ليسمعها الناس
ليست من باب الرياء والسمعة من جهة ، وهي كذلك من جهة أخرى :
1. فإذا كنتَ تقصد بحسن قراءتك حصول الخشوع لقلبك والبكاء لعينك ، أو من أجل أن
يتأثر الناس : فعملك مشروع ، بل هو مرغَّب فيه ، ومما يدل على ذلك :
أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ) .
رواه البخاري ( 7089 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وقوله ( يتغنى بالقرآن ) معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف
وأصحاب الفنون : يحسِّن صوته به .
" شرح مسلم " ( 6 / 78 ) .
والحديث رواه أبو داود ( 1471 ) وفيه زيادة :
قَالَ عبد الجبار بن الورد – أحد رجال الإسناد - : فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ ؟
قَالَ : " يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ " .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
الذي يتحصل من الأدلة : أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما
استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث ، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد
صحيح .
" فتح الباري " ( 9 / 72 ) .
ب. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) .
رواه أبو داود ( 1468 ) والنسائي ( 1015 ) وابن ماجه ( 1342 ) .
قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
عن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : قلت له قول النبي صلى الله عليه وسلم (
زينوا القرآن بأصواتكم ) ما معناه ؟ قال : التزين : أن تحسِّنه .
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 160 ) وصححه محققه عنه .
ومما يؤكِّد جواز التكلف من أجل تحسين القراءة وجمال الصوت :
ج. عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَوْ
رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ لَقَدْ أُوتِيتَ
مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) فَقَالَ : لَوْ عُلِّمْتُ لحَبَّرْتُهُ
لَكَ تَحْبِيراً .
رواه البيهقي في " سننه " ( 3 / 12 ) وقال الألباني – في " صحيح أبي داود " ( 5 /
232 ) - : سنده جيد على شرط مسلم .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام قد أعطي
صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة ، فدل على أن هذا من الأمور
الشرعية .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 63 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال العلماء : وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ
السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا مما يدعو إلى
الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به .
" شرح رياض الصالحين " ( 4 / 662 ) .
2. وأما إن كنتَ تحسِّن صوتك في قراءتك للقرآن من أجل أن يمدحك الناس ، أو من أجل
أن يقولوا : هذا قراءته جيدة : فيكون فعلك من باب الرياء والسمعة .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
والرياء مأخوذ من الرؤية ، وذلك بأن يزيِّن العمل ويحسِّنه من أجل أن يراه الناس
ويمدحوه ويثنوا عليه ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فهذا يسمَّى رياء ؛ لأنه يقصد رؤية
الناس له .
والفرق بين الرياء والسمعة : أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها لله
وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة ، أما السمعة : فهي لِمَا يُسْمَع من الأقوال التي
ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة والذكر والوعظ وغير ذلك من الأقوال ،
وقصد المتكلِّم أن يَسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه ، ويقولوا : هو جيِّد في الكلام
، جيِّد في المحاورة ، جيِّد في الخُطْبة ، إنه حسن الصوت في القرآن إذا كان يحسِّن
صوته بالقرآن لأجل ذلك ، فإذا كان يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن
يمدحه النّاس : فهذا سُمعة .
" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 646 ) .
ثالثاً:
نختم معك سؤالك المهم بوصيتين جامعتين إحداهما لإمامٍ من السلف ، والأخرى لإمام
معاصر ، ومع الوصية الثانية إجابة على مسائلك كلها ؛ حيث ورد لصاحبها سؤال مطابق
لسؤالك .
أ. قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم ؛ فليعرف
قدر ما خصه الله به ، وليقرأ لله ، لا للمخلوقين ، وليحذر من الميل إلى أن يستمع
منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا ، والميل إلى حسن الثناء والجاه عند
أبناء الدنيا ، والصلات بالملوك ، دون الصلات بعوام الناس ؛ فمن مالت نفسه إلى ما
نهيته عنه : خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه ، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله
عز وجل في السر والعلانية ، وكان مراده أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن
غفلتهم ، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل ، وينتهوا عما نهاهم ؛ فمن كانت هذه صفته
انتفع بحسن صوته ، وانتفع به الناس.
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 161 ) .
ب. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما هو السبيل في عدم الشعور بإتقان الصلاة والخشوع فيها ؛ حيث إنني أقوم إماماً
لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد ، ولكن كل محاولتي لحفظ القرآن وتجويد
القراءة أثناء كل صلاتي : أشعر أني أرائي الناس فيها ، خاصة الصلوات الجهرية ، حيث
إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة حتى يخيل إليَّ أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس
أني أهل للإمامة ، ما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
عليك - يا أخي - أن تستمر في عملك هذا ، مع سؤال الله التوفيق للإخلاص ، والحرص على
التعوذ بالله من الرياء ، وأبشر بالخير ، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك
تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس أو ليقولوا : إنك أهل للإمامة ، دع عنك هذه
الوساوس ، وأبشر بالخير ، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة حتى ينتفع بك
المأمومون ، ولا عليك شيء مما يخطر من الوساوس بل حاربها ، حاربها بالتعوذ بالله من
الشيطان ، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير ، وأنت على خير عظيم ،
واستمر في الإمامة ، وأحسن إلى إخوانك ، واجتهد في تحسين الصوت ، فقد جاء الحديث عن
رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن - يجهر به - )
يعني : يحسِّن صوته بالقراءة ، فتحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر
والتعقل ، وفهم المعنى ، والتلذذ بسماع القرآن ، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى
الله عليه وسلم ( ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبيٍّ حسن الصوت بالقرآن يجهر به ) –
رواه البخاري - يعني : ما استمع الله سبحانه لشيء كاستماعه لنبي ، وهو استماع يليق
بالله لا يشابهه صفات المخلوقين ؛ فإن صفات الله سبحانه تليق به لا يشابهه أحد من
خلقه جل وعلا ، كما قال سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ ) الشورى/ 11 ، ولكن يدلنا هذا على أن الله سبحانه يحب تحسين الصوت
بالقراءة ، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من
يستمع لقراءتهم ، وما يخطر ببالك من الرياء : فهو من الشيطان ، فلا تلتفت إلى ذلك ،
وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه ، والاستمرار بتحسين صوتك ، والإحسان في
قراءتك ، مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة ، وأنت على خير إن شاء الله
، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 129 – 131 ) .
فقد تبين أن تحسين صوتك في القراءة أمر مرغَّب به
محمود ، وتجنب فعل ذلك من أجل مدح الناس لك ، ولتكن نيتك الاستجابة لأمر النبي صلى
اله عليه وسلم بالتغني بالقرآن ، وبتزيينه بالصوت الحسن ، ولتكن نيتك أن يتأثر
الناس بكلام الله ويخشعون بسماعه ، وجاهد نفسك لتكون واحداً منهم في تأثير القرآن
عليك ، واصرف عنك وسوسة الشيطان بترك الإمامة ، بل ابق فيها مع حسن النية والقصد .
والله أعلم
فقد منَّ الله عليَّ بصوت حسن وتلاوة طيبة لكتابه العزيز ، وقد اقترح عليَّ
أهل المسجد أن أكون إماماً لهم في صلاة التراويح ، علماً بأني أحفظ أكثر
من نصف القرآن ، وأسأل الله أن يتم عليَّ نعمته بحفظ كتابه ، وقد ترددت في
البداية خوفاً من الرياء لكنِّي استخرت الله عز وجل ، ثم قبلت ، والآن أنا
أؤم القوم في المسجد ولكني أخاف من الرياء وأن يحبط عملي ، ودائما أسأل
الله الإخلاص ، وتراني أحاول إتقان التلاوة عندما أؤم الناس لكي يخشعوا أما
أنا فأتأثر بالآيات إذا قرأتها وحدي ، وعندما أكون إماماً أحاول أن أتأثر
بها وأن أتفكر في معانيها لكني قلَّ ما أفعل , وإن فعلت فأحاول أن لا أظهر
ذلك أمام الناس .
فماذا يجب أن تكون نيتي وأنا أؤم الناس ؟ وكيف أحقق الإخلاص وأتغلب على
وسواس الرياء ؟ .
وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
اعلم أخانا الفاضل أن للشيطان مداخل على الصالحين ليتركوا طاعاتهم وعباداتهم ، فليس
كل ما تشعر به أنه رياء هو كذلك ، وودَّ الشيطان لو ظفر بهذا من مثلك ليترك أحدكم
طاعته وعبادته فيحقق للشيطان مقصوده ، وإنما يبحث المسلم عن قلبه فيرى سلامته من
عدمه ، وينزه أفعاله أن تُصرف لغير الله ، فيحافظ على عبادته أن لا يقوم بها ،
ويحافظ عليها أن لا يضيع أجرها عند ربه .
ثانياً:
ومما ينبغي عليك معرفته أن تحسين الصوت وإتقان التلاوة في الصلاة ليسمعها الناس
ليست من باب الرياء والسمعة من جهة ، وهي كذلك من جهة أخرى :
1. فإذا كنتَ تقصد بحسن قراءتك حصول الخشوع لقلبك والبكاء لعينك ، أو من أجل أن
يتأثر الناس : فعملك مشروع ، بل هو مرغَّب فيه ، ومما يدل على ذلك :
أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ) .
رواه البخاري ( 7089 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وقوله ( يتغنى بالقرآن ) معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف
وأصحاب الفنون : يحسِّن صوته به .
" شرح مسلم " ( 6 / 78 ) .
والحديث رواه أبو داود ( 1471 ) وفيه زيادة :
قَالَ عبد الجبار بن الورد – أحد رجال الإسناد - : فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ ؟
قَالَ : " يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ " .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
الذي يتحصل من الأدلة : أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما
استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث ، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد
صحيح .
" فتح الباري " ( 9 / 72 ) .
ب. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) .
رواه أبو داود ( 1468 ) والنسائي ( 1015 ) وابن ماجه ( 1342 ) .
قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
عن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : قلت له قول النبي صلى الله عليه وسلم (
زينوا القرآن بأصواتكم ) ما معناه ؟ قال : التزين : أن تحسِّنه .
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 160 ) وصححه محققه عنه .
ومما يؤكِّد جواز التكلف من أجل تحسين القراءة وجمال الصوت :
ج. عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( لَوْ
رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ لَقَدْ أُوتِيتَ
مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) فَقَالَ : لَوْ عُلِّمْتُ لحَبَّرْتُهُ
لَكَ تَحْبِيراً .
رواه البيهقي في " سننه " ( 3 / 12 ) وقال الألباني – في " صحيح أبي داود " ( 5 /
232 ) - : سنده جيد على شرط مسلم .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام قد أعطي
صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة ، فدل على أن هذا من الأمور
الشرعية .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 63 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال العلماء : وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ
السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا مما يدعو إلى
الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به .
" شرح رياض الصالحين " ( 4 / 662 ) .
2. وأما إن كنتَ تحسِّن صوتك في قراءتك للقرآن من أجل أن يمدحك الناس ، أو من أجل
أن يقولوا : هذا قراءته جيدة : فيكون فعلك من باب الرياء والسمعة .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
والرياء مأخوذ من الرؤية ، وذلك بأن يزيِّن العمل ويحسِّنه من أجل أن يراه الناس
ويمدحوه ويثنوا عليه ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فهذا يسمَّى رياء ؛ لأنه يقصد رؤية
الناس له .
والفرق بين الرياء والسمعة : أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها لله
وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة ، أما السمعة : فهي لِمَا يُسْمَع من الأقوال التي
ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة والذكر والوعظ وغير ذلك من الأقوال ،
وقصد المتكلِّم أن يَسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه ، ويقولوا : هو جيِّد في الكلام
، جيِّد في المحاورة ، جيِّد في الخُطْبة ، إنه حسن الصوت في القرآن إذا كان يحسِّن
صوته بالقرآن لأجل ذلك ، فإذا كان يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن
يمدحه النّاس : فهذا سُمعة .
" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 646 ) .
ثالثاً:
نختم معك سؤالك المهم بوصيتين جامعتين إحداهما لإمامٍ من السلف ، والأخرى لإمام
معاصر ، ومع الوصية الثانية إجابة على مسائلك كلها ؛ حيث ورد لصاحبها سؤال مطابق
لسؤالك .
أ. قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم ؛ فليعرف
قدر ما خصه الله به ، وليقرأ لله ، لا للمخلوقين ، وليحذر من الميل إلى أن يستمع
منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا ، والميل إلى حسن الثناء والجاه عند
أبناء الدنيا ، والصلات بالملوك ، دون الصلات بعوام الناس ؛ فمن مالت نفسه إلى ما
نهيته عنه : خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه ، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله
عز وجل في السر والعلانية ، وكان مراده أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن
غفلتهم ، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل ، وينتهوا عما نهاهم ؛ فمن كانت هذه صفته
انتفع بحسن صوته ، وانتفع به الناس.
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 161 ) .
ب. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما هو السبيل في عدم الشعور بإتقان الصلاة والخشوع فيها ؛ حيث إنني أقوم إماماً
لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد ، ولكن كل محاولتي لحفظ القرآن وتجويد
القراءة أثناء كل صلاتي : أشعر أني أرائي الناس فيها ، خاصة الصلوات الجهرية ، حيث
إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة حتى يخيل إليَّ أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس
أني أهل للإمامة ، ما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
عليك - يا أخي - أن تستمر في عملك هذا ، مع سؤال الله التوفيق للإخلاص ، والحرص على
التعوذ بالله من الرياء ، وأبشر بالخير ، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك
تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس أو ليقولوا : إنك أهل للإمامة ، دع عنك هذه
الوساوس ، وأبشر بالخير ، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة حتى ينتفع بك
المأمومون ، ولا عليك شيء مما يخطر من الوساوس بل حاربها ، حاربها بالتعوذ بالله من
الشيطان ، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير ، وأنت على خير عظيم ،
واستمر في الإمامة ، وأحسن إلى إخوانك ، واجتهد في تحسين الصوت ، فقد جاء الحديث عن
رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن - يجهر به - )
يعني : يحسِّن صوته بالقراءة ، فتحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر
والتعقل ، وفهم المعنى ، والتلذذ بسماع القرآن ، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى
الله عليه وسلم ( ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبيٍّ حسن الصوت بالقرآن يجهر به ) –
رواه البخاري - يعني : ما استمع الله سبحانه لشيء كاستماعه لنبي ، وهو استماع يليق
بالله لا يشابهه صفات المخلوقين ؛ فإن صفات الله سبحانه تليق به لا يشابهه أحد من
خلقه جل وعلا ، كما قال سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ ) الشورى/ 11 ، ولكن يدلنا هذا على أن الله سبحانه يحب تحسين الصوت
بالقراءة ، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من
يستمع لقراءتهم ، وما يخطر ببالك من الرياء : فهو من الشيطان ، فلا تلتفت إلى ذلك ،
وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه ، والاستمرار بتحسين صوتك ، والإحسان في
قراءتك ، مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة ، وأنت على خير إن شاء الله
، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 129 – 131 ) .
فقد تبين أن تحسين صوتك في القراءة أمر مرغَّب به
محمود ، وتجنب فعل ذلك من أجل مدح الناس لك ، ولتكن نيتك الاستجابة لأمر النبي صلى
اله عليه وسلم بالتغني بالقرآن ، وبتزيينه بالصوت الحسن ، ولتكن نيتك أن يتأثر
الناس بكلام الله ويخشعون بسماعه ، وجاهد نفسك لتكون واحداً منهم في تأثير القرآن
عليك ، واصرف عنك وسوسة الشيطان بترك الإمامة ، بل ابق فيها مع حسن النية والقصد .
والله أعلم
- AsheK WalhaNمؤسس المنتدى
-
عدد المساهمات : 5608
نقاط : 18641
تقييم العضو : 44
تاريخ الميلاد : 21/03/1995
العمـر : 29
شگرآ لمرورگم آلطيپ لموضوعي
- شمعه الامل
-
عدد المساهمات : 805
نقاط : 815
تقييم العضو : 0
يسلمووو إيديك علي طرحك الرآئـع
يعطيكـ ألــف ألــف عــآفيهــ
مـآ ننح ــرم مــن ج ــديدكـ المميز
نـآطرين المــزيــد منــك
لك منــي أجمل تحيـهـ
إح ـترآمي
يعطيكـ ألــف ألــف عــآفيهــ
مـآ ننح ــرم مــن ج ــديدكـ المميز
نـآطرين المــزيــد منــك
لك منــي أجمل تحيـهـ
إح ـترآمي
مواضيع مماثلة
للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل
يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى